
في البداية ظن المواطنون أن الأمر متعلق بسي
اسة تخفيف الأحمال التي باتت جزءا من مكونات اليوم المصري، لكن انقطاع الكهرباء عن معظم المؤسسات والمرافق الحيوية أجهض تلك الظنون في مهدها، وولد بدلا منها مزيدا من الفزع.
بات الأمر بيئة خصبة للشائعات في غياب متزامن لوسائل الإعلام عن المشهد بعد أن توقف بث عدد من القنوات الفضائية والإذاعات بسبب دخول مدينة الإنتاج الإعلامي بـ6 أكتوبر ضمن ضحايا "الانقطاع الكبير".
كارثة "دوبل"
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، أدى توقف إمدادات الكهرباء لمعظم محطات
مياه الشرب والصرف الصحي إلى انقطاع المياه عن البيوت والمنشآت، فتضاعفت
الكارثة، وعاشت مصر صباح الخميس ساعات من العصور الوسطى.توقف مترو الأنفاق والركاب بداخله، فتعالت الصيحات وتزايدت المشاجرات وخرج الناس إلى السطح ليستأنفوا رحلاتهم عبر المواصلات العادية، فأصيبت العاصمة بالشلل.. تكدست محطات الوقود بالسيارات بعد أن توقفت مضخات الرفع بها، والتي تعمل بالكهرباء.. أصحاب المحلات خرجوا يصيحون في الشوارع بعد أن تعطلت أعمالهم، وكان فزع محلات الألبان والجبن مضاعفا، حيث فسدت آلاف الأطنان من بضائعهم بعد توقف الثلاجات منذ الفجر وحتى الآن.
تضارب حكومي
ويبدو أن الكهرباء مقطوعة أيضا في وزارة الكهرباء، ففقد مسئولوها
التواصل مع بعضهم، وهو ما أدى إلى خروج تصريحاتهم متناقضة تماما لتضيف إلى
المواطن فزعا على فزع.الوزير محمد شاكر خرج على المواطنين ليؤكد وجود أعطال "فجائية" شهدتها محطة محولات القاهرة أدت إلى خروج دوائر كاملة عن العمل، وفقد حوالي 9 آلاف ميجا وات دفعة واحدة من قدرة الشبكة، وفي حوالي العاشرة صباحا أعلن الوزير أن "كل شيء تمام"، بعد أن تم تصليح الأعطال، وأنه جار إرجاع التيار إلى المناطق المقطوعة بالتناوب.
لكن تصريحات الوزير يبدو أنها لم تعجب متحدثه الرسمي محمد اليماني، فخرج بدوره ليؤكد أنه لا أعطال، وأن الانقطاع الضخم جاء بسبب "مناورة لتحويل الأحمال تجري بشكل روتيني" لدائرة 500 كيلوفولت غرب القاهرة، حدث بها عطل فني، مما أدى إلى خروج وحدات التوليد من الخدمة بغرب القاهرة مما أدى انقطاع التيار.
التضارب لم ينته عند الوزير ومتحدثه الرسمي، حيث أصر مسئول آخر بالوزارة أن سبب الانقطاعات هو عطل بخط الضغط العالي بسمنود بمحافظة الغربية مما أدى إلى توقف محطات جنوب القاهرة والسادس من أكتوبر.
يأتي ذلك فيما أشارت أنباء إلى قيام الحكومة بتشغيل السد العالي بأقصى طاقته كمحاولة لتقليل حدة الأزمة، لكن المواطن لم يشعر بمردود يذكر، نظرا لقلة تأثير السد العالي في الشبكة الكهربائية الموحدة للجمهورية.
المستشفيات في "وعكة"
ومع دخول ساعات الظهيرة بدا أنه لا أحد داخل الحكومة أو خارجها على علم
بما يحدث، أو أنهم يخفون شيئا عن الشعب، فقد استمرت الانقطاعات بمعظم
المناطق، وأعلن عدد من المستشفيات عن قرب توقف مولداتها عن العمل بعد أن ظل
هديرها متواصلا منذ الصباح، ليقوموا بتأجيل كل العمليات الحيوية المهمة
والاكتفاء بالصغيرة للمحافظة على الطاقة بأقسام العناية المركزة وحضانات
الأطفال، كما حدث في مستشفى قصر العيني الفرنساوي.في نفس التوقيت شهدت مناطق واسعة من محافظات الجمهورية خروج عدد من محطات المحمول عن الخدمة وصلت إلى 2000 محطة، أبرزها فودافون، وذلك بسبب انقطاع الكهرباء.
وتركزت الأضرار فى محافظتى القاهرة والإسكندرية حيث وصل عدد المحطات المتوقفة إلى 1000 شبكة، بينما توقفت 500 شبكة بمنطقة الدلتا، وهو نفس العدد الذى توقفت به شبكات فى الصعيد والبحر الأحمر ليصل إجمالى عدد الشبكات إلى 2000.
المحافظات تصرخ
وأدت الانقطاعات إلى عزل الصعيد عن الوجه البحري، وخرجت محافظات بشكل
شبه كامل عن شبكة الكهرباء، مثل قنا وبني سويف التي شهدت توقفا تاما
للمصالح الحكومية بها، بينما أدى الانقطاع في السويس إلى ارتباك الحركة في
شركات الملاحة بسبب توقف معاملاتها اليومية مع البنوك، وتراوحت الأضرار بين
كبيرة ومتوسطة بمحافظات الشرقية والقليوبية والفيوم وسوهاج وأسيوط وأسوان
وكفر الشيخ والبحيرة، لكن مسئولي المنوفية أكدوا أنهم لم يتأثروا بالأزمة،
وبعد أن قال شهود عيان بدمياط إنهم لم يشعروا بمشكلة في الصباح، بدأت
الانقطاعات تصل لهم بعد الظهر.مصر العربية
تعليقات
إرسال تعليق